الضحك على الذات- مفتاح السعادة والتصالح مع الحياة

المؤلف: منى العتيبي10.17.2025
الضحك على الذات- مفتاح السعادة والتصالح مع الحياة

في خضم صخب الحياة المعاصرة، المثقلة بالمسؤوليات والضغوط المتزايدة، قلما نجد فسحة من الوقت للبهجة والسرور، أو للاستمتاع بلحظات العمر الثمينة. غير أن هناك مهارة بالغة الأهمية، قد تفوق في قيمتها تصوراتنا، ألا وهي "فن الضحك على الذات". قد يتبدى هذا الأمر ضربًا من العبث أو الاستخفاف، بيد أنه عندما نتقن فن الابتسامة على هفواتنا وسقطاتنا، وعلى المواقف المحرجة والعابرة التي نصادفها في طريقنا، ونشارك هذه اللحظات العفوية مع الأصدقاء والأقرباء، ونتحرر من عبء الكمال الزائف الذي يفرضه علينا المجتمع ومتطلبات الحياة الجادة، فإننا نمنح أنفسنا هدية لا تقدر بثمن، وهي فرصة حقيقية للتخفيف من وطأة الأعباء اليومية التي تستنزف طاقتنا وتعيقنا عن التمتع بجمال الحياة والتنفس بعمق.

ومما لا شك فيه أن هذا النهج الإيجابي سينعكس بصورة جلية على جوانب حياتنا المختلفة، سواء على الصعيد الشخصي أو الاجتماعي أو حتى على صحتنا النفسية. فالضحك، بما يمتلكه من قوة شافية، يسهم بفعالية في تقليل مستويات التوتر والقلق، وتحسين المزاج العام، وزيادة مستويات الطاقة الحيوية، وخلق بيئة أكثر إيجابية وانسجامًا في محيطنا. علاوة على ذلك، فإن القدرة على تقبل عيوبنا والسخرية منها بروح طيبة تساعدنا على التعامل بذكاء وحكمة مع الأخطاء، مما يجعلنا نتجنب جلد الذات المفرط والقاسي، ويمنحنا شعورًا بالتصالح مع أنفسنا ومع الحياة بتفاصيلها الحلوة والمرة. ومن زاوية أخرى، يسهم هذا الفن الرفيع في تجنب الوقوع في براثن الخجل والإحراج، وتحويل الأخطاء إلى فرص سانحة للتعلم والتطور والنمو الشخصي المستمر.

كما أن الضحك على الذات يخلق لنا وسيلة سلسة ومرنة للتواصل الاجتماعي الفعال، حيث يشعر الآخرون من حولنا بأن الحياة بسيطة وسهلة، وأن الصعاب والعقبات يمكن تجاوزها بيسر وسهولة، ودون ترك ندوب عميقة في نفوسنا.

إن "فن الضحك على الذات" يمثل مهارة حيوية وأساسية في رحلتنا الحياتية، فهو يمنحنا مرونة نفسية فائقة، ويساعدنا على مواجهة التحديات والصعاب المختلفة بحكمة ورصانة وسهولة. فعندما نتقن فن الضحك على أخطائنا ومواقفنا المحرجة، ونشارك هذه اللحظات العفوية مع من حولنا، فإننا نصبح أكثر قدرة على التغلب على الضغوط الحياتية المتراكمة، والتفاعل مع الآخرين بروح مرحة وإيجابية.

ختامًا...

الحياة أقصر من أن نقضيها في الهم والعبوس، فلماذا لا نضحك على أنفسنا ونحتفل بكل لحظة فيها، حتى لو كانت مليئة بالأخطاء والنقائص والعيوب؟! دعونا ننظر إلى الحياة بمنظار التفاؤل والأمل، ونجعل الضحك رفيقًا دائمًا لنا في هذه الرحلة القصيرة والممتعة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة